الثلاثاء، 27 يناير 2009

غابات الابنوس الجميلة حرم الرشيد شداد

يقولون ان للسفر سبع فوائد واظنها تبدأ منذ البدايات الاولى للتجهيز للرحلة ان كانت خارجية او داخلية, وعن نفسى بالرغم من فوائد السفر فانا لا احب السفر والابتعاد عن الوطن وكثيرا ما استغرب كيف يستطيع المغتربون والمهاجرون عن اوطانهم العيش، المهم لنعد الى الموضوع وهو السفر فمن تجهيزاته ان تأخذ تأشيرة الدخول للبلد الذى تتوجه اليه وتطلب منك السفارة احضار صورة فوتغرافية (صورة باسبورت) كما نسميها فذهبت الى احد الاستديوهات لاخذ الصورة فوجدته مزدحما فكدت اتوجه الى آخر ولكن شيئا ما شدنى لان انتظر فى هذا الاستديو بالذات فلاول مرة ارى عن قرب ذلك الجمال البنوسي الأخاذ الذى ما كنا نسمع تلك العبارة فنتلفت حولنا اين هو ذاك الجمال الابنوسي المأخوذ وصفه من الابنوس الذي ينمو بكثرة فى غابات الجنوب وتوصف به فتيات الجنوب اللاتي يتمتعن بهذا اللون الجميل وهذا القوام الممشوق فسرحت بذاكرتي الى الوراء حينما كنا نستغرب ذاك الكلام عندما كنا نرى اخواتنا الجنوبيات تعلو ملامحهن تعابير البؤس والشقاء والحزن وذاك الغطاء البالي على الرأس وثيابهن تفضح عن بؤسهن وفقرهن فهن لم يكن يجدن حظا فى التعليم او محلات العمل لكنني اكتشفت مؤخرا هذا الجمال الابنوسي الأخاذ الذى جعلني اتسمر فى ذلك المكان رغم ازدحامه وانتظر مذهولة ومعجبة بما حولي من تلك الاجسام الجميلة المتناقسة مع الملابس الانيقة ذات الالوان التى تنم عن ذوق رفيع فها هي امامي غابات الابنوس التى انبتت من الدماء جمالا دفن لعدة قرون فقد كان العريس والعروس من ابناء الجنوب وعدد كبير من اقاربهم رجالا ونساء فقد كان الرجال يرتدون افخم ماركات البدل الرجالية مع تناسق تام بين الوان القمصان والكرافتات الانيقة ولعل اكثر ما يلفت النظر فى الرجل حذاءه.فهنالك مثل شعبي يقول ان اردت ان تعرف نظافة المرأة فانظر الى اقدامها فدائما ما تقع عيناي على احذية الرجال وهذا ما يعطيني الاحساس بان هذا الانسان انيق ونظيف ام لا المهم كانت الاحذية تلمع مثل ما توجد داخل فترينات العرض اما النساء فلنبدأ بالعروس اولا فقد كان فستانها الابيض ينم عن اناقة ضافية وكان هذا الاختراع المسمي بفستان الزفاف قد فصل من اجلها يعطي بريقا جذابا مع ذاك اللون الخمرى المميز اما الوجه مع (المكياج) كقطعة من الشيكولاته الفاخرة وابتسامتها البيضاء المشرقة جعلتها حقا عروسا بمعني الكلمة اما المرافقات لها فكن فى غاية الاناقة والنظافة لملابسهن وكانهن عارضات ازياء من افخم دور الازياء الراقية اما شعورهن فقد ازدانت باجمل التسريحات وآخر الصيحات وابت عيناي الا ان تتمع بذلك الجمال الآخاذ لطريقة تسريحات الشعر المختلفة الجميلة غاية الجمال فذهبت مرة اخرى للماضي عندما كان الفقر مدقعا فظلم بنات الجنوب ان يظهرن ذلك الجمال الباهر فقلت فى نفسي ليس على الجنوبيين فقط صنع تمثال للراحل المقيم د.جون قرنق وانما لابد ان يفخر ابناء الجنوب والوسط الشمالي والغرب بذلك المناضل الذى استطاع ان يخرج هذا الجمال من غياهب ظلمات الحروب والقتال الى رحاب ساحات السلام والعدل والمساواة فكم انت عظيم ايها الراحل عندما ادركت ان الجنوب ظلم على مر الفترات التاريخية وليس فقط الجنوب بل اكثر اجزاء الشمال فجعلتها حركة قومية واتجهت بها الى مراكز صنع القرار فكان افقك اوسع يضم كل السودان وليس فقط الجنوب ولا يتشدق المتشدقون بان السلام اتى من الشمال بل هو فرض عليهم وكيفما جاء السلام لايهم المهم هو هذا النور ام الجمال الآتي من الجنوب ولست من دعاة الوحدة او الانفصال وليس عضوة بالحركة الشعبية ولكنني كمواطنة عادية رأيت كيف تحول حال ابناء الجنوب بعد السلام وان اتاني اي معارض ليس لي سوى ان اقول له تلفت من حولك ستجدهم اليوم يركبون احدث موديلات العربيات وينظر الى الجمال الذى ظهر على السطح من تحت انقاض الحروب والدمار وان قرر الجنوبيون الانفصال او الوحدة عليهم التمسك بمبادئ جون قرنق الذي جعل الحركة الشعبية حركة قومية فى المقام الاول تضم الشمالي والكردفاني والنوبة وابناء دارفور لاول مرة فى تاريخ السودان وان تستمر كحركة سياسية قومية جامعة لكل اهل السودان فعلى كل قيادات الحركة الشعبية ان تجعل رداءها قوميا ووعائها يسع الجميع وان تعمل اولا على ازالة آثار الحق والجفاء بين الشمال والجنوب اذا كانوا يريدون الوحدة فالاولويات هى كيفية جعل الوحدة جاذبة ليس بالشعارات ولكن بالعمل الجاد مع العمل على وضع معالجات نفسية لنزع آثار الحقد والكراهية من النفوس لكي ينعم الجميع بسلام دائم وعادل فى وطن يسع الجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق