الأربعاء، 31 ديسمبر 2008

نحو عاصمة جديدة لجنوب السودان




ان القضية المطروحة أمامنا اليوم تُعد واحدة من القضايا المفصلية، والمهمة بالنسبة لمجتمع جنوب السودان، وهو يهمّ بعبور هذه المرحلة الحرجة والعصيبة من عمره، سيما وانه قد بدأ يأخذ أنفاسه من الرهق الطويل الذي خلَّفته الحرب فى تكوينه الحيوي، وكذلك على البنيات التحتية المنعدمة أصلاً، كما هو معلوم للقاصى والدانى، وتكمن أهمية هذه القضية لكون الظروف والأوضاع الحالية فى جنوب السودان تكاد تكون مختلفة تمام الاختلاف عن ما كانت عليه الحال بعد الحرب الأولى 55 ـ 1972م، والتي انتهت الى توقيع اتفاق أديس أبابا للسلام، والذي جاء كهدنة وفقرة سلام مؤقوت فى سجل التعب السوداني، ومعاناة مواطن جنوب السودان, إذ تتسم هذه المرحلة الجديدة بخصوصية ومكاسب جديدة ومستحقات جليلة ترتبت على اتفاق السلام الشامل، وهى مكاسب ينعم بها جميع مواطني الإقليم على قدم المساواة حتى الآن، مع وجود بعض الصعاب والتحديات الجديرة بالنقاش والتأمل كأية تجربة حديثة تحتاج للتقييم وإعادة النظر.
بالنسبة للكثيرين فإن العديد من القضايا المتعلقة بطبيعة الأوضاع فى جنوب السودان هى (قضية جنوبية) ينبغي ان تناقش على الصعيد الداخلي، حرصاً على وحدة مواطني الإقليم وتضييعاً للفرصة أمام حزب المؤتمر الوطني الذي يسعى الى الوقيعة بين المكونات المختلفة بجنوب السودان واستخدامها بعضها ضد الآخر, وهذه الأسباب الى حد ما تعتبر معقولة فى نظرنا، ونحن نتذكر العديد من الدروس التى رسخت عندنا فى الأذهان من سياسات حزب الحكومة فى تأجيج نيران الصراع الجنوبي ـ الجنوبي، وما أفضت إليه من نتائج كارثية, هذا ان لم ننس ما قام به جعفر نميري نفسه وهو يتنكر لاتفاق أديس أبابا, لكننا ولنبدو أكثر حرصاً من الاخرين حيال بعض القضايا والمشكلات نرى أهمية التداول، وفتح النقاش فيها بقدر من الشفافية والوضوح المطلوبين عند التعامل معها.
قبل توقيع اتفاقية السلام الشامل كانت الإرهاصات تشير الى ان هناك مشروع مدينة جديدة تقوم كعاصمة رسمية لحكومة جنوب السودان بدلا عن مدينة جوبا العاصمة القديمة للإقليم, وكانت تلك الإرهاصات وقتها تتحدث عن مثلث (رامشيل) الواقع فى منطقة حدودية متاخمة بين ولايات (جونقلى وأعالي النيل والاستوائية) وقد كانت تلك الفكرة محل ترحيب واشادة الجميع لاعتبارات عدة, أولها ان هناك أهمية قصوى فى المرحلة الحالية لان تكون عاصمة جنوب السودان فى بيئة جديدة تساعد على بلورة الرابط القومي بالنسبة لمواطني جنوب السودان بعيدا عن أي تراكم لتجارب الماضي او حتى محاولة أحيائها أملاً فى تصالح جديد بين تلك المكونات فى ظل الظروف والمتغيرات التى نشهدها, استفادة من دروس التجربة المريرة القاسية التى عاشها شعب جنوب السودان فى الفترة الممهدة لإلغاء اتفاق 1972م، عندما تم تقسيم الإقليم الجنوبي الى ثلاثة أقاليم، وما سبق ذلك من أحداث (الكوكرا) المعروفة، مع العلم ان تلك الفترة بالنسبة للحكومة المركزية كانت مفهومة لما يمكن ان تقود إليه من اختبار تماسك سكان الإقليم الذى كان يمارس تجربة الحكم لأول مرة فى تاريخه، هذا الى جانب بعض المشكلات الأخرى المتمثلة آنذاك فى غياب أي أثر للتعليم، وبالتالي انعدام المؤسسات التى تقوم بأدوارها خارج نطاق حدود الانتماء القبلي، مما خلق فرصة مواتية لتهييج المشاعر القبلية كأقرب الطرق لإجهاض الاتفاقية، وزرع روح الفتنة بين الجنوبيين آنذاك.
ما قادنا لطرح قضية عاصمة جنوب السودان على هذا المستوى، الملابسات الحالية بين المجموعات السكانية الرئيسة المكونة للولاية الاستوائية الوسطي، وحكومة جنوب السودان في العديد من الجوانب فى خصوص عدد من الشكاوى المرتبطة بمسائل الأرض، والسكن، والاستقرار، التى اصبحت تواجه موظفي الحكومة الجدد, فتلك العقبات ظللنا نراها قابلة للحل، إلا أنها استمرت فى التعقيد والتراكم الى المرحلة التى أصدر فيها (الباري كميونتىB.C) او مجتمع الباري ـ وهو جسم منتخب ممثل لمجتمع الباري كبرى مجموعات الاستوائية الوسطى ـ بيانا يناشد فيه حكومة جنوب السودان بضرورة نقل عاصمة الإقليم من جوبا إلى أيٍ من الولايات الجنوبية التسع الأخرى، معددين فى ذلك الأسباب التى دفعتهم لاتخاذ تلك الخطوة، وهو بيان منشور فى صحف (الخرطوم مونتر ـ وجوبا بوست الإنجليزيتين ـ صحيفة الصحافة العربية ) بتاريخ 15ـ نوفمبر ـ 2008م، ولا أدرى حتى لحظة كتابة هذه السطور اذا ما سلمت نسخة من هذا البيان الى حكومة الجنوب أم لا؟! ومهما اختلفنا مع ما دفعوا به من أسباب تدعوهم الى المجاهرة بتلك الخطوة، فإننا نرى أنها جاءت نتيجة لتجربة وقناعة منهم بجانب أخطاء مارستها عليهم الحكومة فى الفترة الماضية من عمرها, لكن النقطة الأهم فى بيان مجتمع الباري هذا هو انه أكد بصراحة ووضوح على ان هكذا مشكلات من شأنها ان تصرف (مجتمع جنوب السودان) عن قضاياه الكبرى التى ينبغي ان تتوحد ازائها الجهود للخروج الى بر الأمان.
الأهم فى الامر ان صدور هذا البيان فى هذه الفترة تقريبا تجعل الفرصة مواتية أمامنا فى جنوب السودان بشتى الأسماء والانتماءات والمكونات لوضع هذه القضية موضع الأهمية والاعتبار, فعلى عكس المراحل السابقة كانت تلك المطالب تصدر عن جهات غير معلومة بالنسبة لنا، وقد وجدت العديد منها على شبكة الانترنت، الشيء الذي جعلها تبدو فى شكلها العام معبِّرة عن مصالح لأفراد او جهات ذات مصلحة سياسية, والأمر مختلف فى كلا الحالتين اذ ان( الباريا) هم فى المقام الأول والأخير مواطنون جنوبيون تهمهم مصلحة الإقليم والمواطن، ولا يمكننا تجاوز ما يطرحونه من وجهات نظر أمام حكومتهم كمجتمع لهم من الحقوق ما لبقية المجتمعات الأخرى, فلطالما هم يرون ضرورة ذهاب العاصمة بعيدا عن مدينة جوبا, فان الحكومة مطالبة بالجلوس إليهم ومناقشتهم فيما ذهبوا إليه من أسباب ووضع المسألة برمتها موضع التنفيذ، فكيف لنا فى هذه الأوقات ان نغفل الحوار البناء والمشاورة الحادبة على المكاسب التى حصل عليها جنوب السودان, فالخطاب موجه لـ(حكومة جنوب السودان)، وهذا طرح متقدم جدا بالنظر الى القضية من جذورها, وهنا نتوقع ان تخرج من طابع التعامل السياسي ولنعتبرها حلقة من حلقات الحوار الجنوبي كقضية تخص )الجنوبيين( كإطار مفهوم بالنسبة للكثيرين.
النقطة الأكثر ايجابية فى هذا الامر هو اننى عمدت بعد الاضطلاع على البيان المذكور الى إدارة حوارات عشوائية مع مجموعة من الشباب لمعرفة وجهات نظرهم المختلفة فى هذه القضية مثار الجدل, فوجدت ان الغالبية منهم يرون ان تخطو حكومة الجنوب خطوات عملية فى خصوص أهمية إيجاد عاصمة بديلة للإقليم غير مدينة جوبا, بدافع ان قضية الرابط القومي الجنوبي تكاد تأتى كأولوية قصوى مقدمة على مسألة العاصمة نفسها, وهو رأي نابع من جيل اصطلى بنيران الحرب والنزوح، كما عاش تجربة مفيدة قادته الى التعرف على جل المكونات الاجتماعية للجنوب ما كانت تتاح على ارض الواقع للعديد من عوامل الجغرافيا وانعدام السبل، وهم الآن ليسوا على أدنى استعداد لفقدان تلك الوشائج بالتوترات التى يمكن ان يثيرها موضوع العاصمة هذا.
قلنا فيما سبق من حديث حول الموقف الحكومى المطلوب فى هذا التوقيت فيما يتعلق بالتعامل المفترض مع القضية التى اثارتها مجموعة (الباري) عبر منظومتها الممثلة لها، هو الاستجابة لهذه القضية دونما تجاهلها على الاطلاق تحت أية دعوى من الدعاوى، ذلك لكون ان غض الطرف عن هكذا مشاكل مجتمعية من شأنه ان يقود لنوع جديد من التباعد والتوتر بين السلطات الحكومية وجزء من مواطنيها وهنا ينبغى كذلك على الحكومة ان تضع فى اعتبارها خصوصية الوضع الاجتماعى لجنوب السودان والذى لا يمكن مقارنته مع طبيعة المجتمعات المستقرة فى مسائل الارض والسكن، دعك عن الحوار المجتمعى حول نشدان الاستقرار والوحدة الداخلية، فكل تلك المسائل المار ذكرها ما زالت فى طور تشكلها الاولى الذى قد تعيقه عدد من التعقيدات والمخاوف التى تتجاوز حتما الحقائق الماثلة على الارض سيما المتعلقة منها بالتقديرات السكانية واثرها على علاقات السلطة والحكم والتداخل الاجتماعى.
تأتي اهمية القضية مثار الجدل حول عاصمة جنوب السودان القديمة (مدينة جوبا) من جملة هواجس طرحتها المجموعة المحتجة عبر بيانها الذى تحدثنا عنه فيما سبق، وهى بالنسبة لنا ولكثيرين غيرنا مسألة غاية في الاهمية، ونحن ننظر فى المدى البعيد لمستقبل العلاقات المتوقعة بين جميع مكونات الاقليم، والمشوار الطويل الذى قطعته تلك المجموعات فى سبيل الحفاظ على وحدتها وتعارفها، بل ومحاولة تجاوز جملة من ترسبات الماضى التى نسفت حتى عوامل الاستقرار البسيطة التى توافرت حينها، ولا نخشى على صعيد جنوب السودان فى ذلك أي مهدد او عامل خارجى يتوقع استغلال هذه الوضعية بغرض التآمر، عليه فليكن تحركنا هنا قائما على مبدأ أساس هو الحرص الذاتى والحفاظ على تماسكنا كنوع من الوعى المدفوع بالمصلحة الكلية والمستقبلية لجنوب السودان.
لقد اثارت مطالبة (الباري كميونتي) لحكومة جنوب السودان بنقل العاصمة من (جوبا) حفيظة الكثيرين بدلا من ان تولد لديهم الاسئلة المبكرة، كيف وان القضية اتخذت مسارا معلنا كما جاءت فى توقيت يمكن ادراكه علما بان المجموعة التى كتبت البيان تضم فى تكوينها رموزاً ومثقفين ممثلين للمجموعة بما فيهم ناشطين سياسيين منتمين لاغلب الاحزاب الموجودة فى الاقليم، وهنا يتخذ الامر طابعا جديا قابلا للتداول والتعاطى، هذا فى الجانب الخاص بالحكومة التى خاطبتها المجموعة بالتحديد، لكن الفرصة ما تزال كذلك مواتية بالنسبة لبقية التكوينات والاجسام المدنية والحية كالاحزاب وتنظيمات المجتمع المدنى بالجنوب ان تلتفت لهذه القضية وتعيرها قدرا من النقاش والاهتمام لتجنب ما قد تفضى اليه التوترات الاجتماعية من صراعات محتملة تعيق الجميع عن تحقيق أية خطوة جديدة فى اتجاه التقارب الاجتماعى.
تؤكد مسألة العاصمة هذه على وجود بوادر لأزمة قابلة للتلافى اذا ما اعرتها السلطات الرسمية فى جنوب السودان قدرا مطلوبا من الاهتمام كما اسلفنا، فالقضية تعبر وبوعى كبير عن وجود جفوة واضحة تؤكد انشغال الحكومة عن القضايا الحساسة ذات التأثير المباشر على علاقات المجتمع فيما بينه فى مرحلة اقل ما يمكن ان توصف به هو انها مرحلة للبناء والتأسيس أي بمعنى انها تتطلب على المدى القريب اولويات واضحة ومحددة منها تحقيق مبدأ المشاركة الشعبية فى اتخاذ القرار فى المسائل المرتبطة بالمجتمع كالاراضى مثلا، والتى تبدو فى تقديرنا المسألة الجوهرية فى مطالب الباري، وقد انبنى على ذلك التباعد تعطيل العديد من المشروعات الحيوية والاقتصادية فى جنوب السودان تحت بند (الارض للمجتمع) كتفسير جديد لاحد بنود اتفاقية السلام الشامل التى جاءت فى اطار التفاوض السياسي فى نيفاشا، وفى ظل انعدام صيغة الاتفاق بين مجموعات ولاية الاستوائية الوسطى وحكومة الجنوب فشلت الاخيرة ايضا فى انجاز مشروعات جديدة ازاء مخاوف الباري وتمسكهم بارضهم، فصارت العاصمة جوبا من اغلى مناطق الدنيا من جميع النواحى بما فيها السكن وليس امتلاك الارض، وهنا كان لزاما علينا سيما وان الاراضى الموجودة داخل المدينة هى مناطق تواجد مجموعة الباري التى ظلت تؤكد على ذلك دوما بمقولة (جوبا نا باري) أي بمعنى (جوبا بلد الباري)، وهنا تتجلى مفارقة المدينة واستيعاب أية علاقة يمكن ان تقوم على ملكية الارض فى هذه الظروف، اذ يختلف الامر كثيرا بالنسبة لبقية مدن الجنوب الكبيرة الاخرى، والتى نشأت وفق محددات نشأة المدن كمراكز حضرية ومناطق نفوذ اداري وحكومى وهو ما نلحظه فى مدن مثل واو وملكال اذ نجد مناطق تواجد القبائل تتركز فى القرى بينما المدينة هى الملتقى الذى يجمع موظفى الحكومة من الطبقة الوسطى والتجار وكل من له مصلحة فى التواجد هناك، غض النظر عن اصله وجذوره، وهى مسألة منعدمة فى حالة مدينة جوبا، لان تجربة تطورها ارتبطت بمجموعات محددة فى اطار المنطقة الاستوائية ولم تتح لمجموعاتها فرص الاختلاط او حتى التداخل مع باقى المجموعات من بقية الاقاليم الاخرى وبالاخص النايلوتيين، كمجموعات كبيرة ذات وزن ومؤثرة، وقد اتضح كيف امكن استغلال هذه المسافة فى اثارة احداث (الكوكرا) المشهورة بفهم سطحى وضيق.
ختاما: يظل مطلب العاصمة الجديدة هو المخرج السليم والذى يراعى رأي مجموعة من المواطنين الجنوبيين الذين يرون تقديم الوحدة الجنوبية كخيار استراتيجى وغالب يعين الاقليم فى الالتفات الى قضاياه الكبيرة التى تحتاج لجهد الجميع فى هذه الظروف التى يتوقع فيها الكثيرون اوضاعا اكثر استقرارا، فقط باعتماد نهج الحوار الموضوعى وتعزيز القواسم المشتركة لتجاوز جميع الاخفاقات الماضية، اذ ان هناك العديد من الاسباب التى جعلت الدكتور جون قرنق يرجح منطقة رامشيل كعاصمة مقترحة وهى اسباب سنستغرق فيها زمنا طويلا نصل بعده الى نفس القرار وهو ضرورة نقل العاصمة خارج مدينة جوبا، حينها فقط سندرك الفائدة الكبيرة التى سيجنيها الجنوب على الصعيد الاجتماعى وتحقيق شروط الوحدة الداخلية والتكامل والمصالحة.


وكل عام وانتم بخير،،

الخميس، 18 ديسمبر 2008















الشباب والتربية الديمقراطية
نقد الواقع والممكنات





أتيم سايمون مبيور






ديسمبر2007





مقدمـة
تحاول هذه الورقة أن تستعرض واحدة من القضايا المهمة والمتعلقة بالمسألة الشبابية ككل، وعلاقتها بعملية التربية الديمقراطية من خلال مقاربة الواقع السوداني الراهن بالنسبة للشباب وما يتمثله من هذه المعايير الديمقراطية في المجتمع الكبير، وتسعي الورقة لتقديم نظرة شاملة للمفهوم الخاص بالشباب وكذلك ما يتعلق بالتربية الديمقراطية كمضمون ينعكس بوضوح في قضايا التنشئة والمشاركة السياسية أو التثقيف المدني، مع محاولة ربطها بحال واقع الشاب في السودان وما يواجهه من تحديات كبيرة تحول دون اندماجهم في المؤسسة الاجتماعية وبالتالي ضمان مشاركتهم الفاعلة كشريحة تشغل الجزء الأكبر من الحيز السكاني في السودان، وهي تحديات ومشاكل أرستها عبر الزمن الماضي سياسات بعينها سعت إلى وضع الشباب في مقام الهامش المجتمعي.

تعريف الشباب
لابد أن سؤال من هم الشباب، ظل يشكل هاجساً ملحاً أمام أي محاولة لإضفاء نوع من الواقعية على المفهوم العام للشباب، في التعامل معه من مختلف الوجهات التعريفية والمقاربات التوصفية، وهو ما يجعل من تعريف الشباب عملية تحفها المزالق العلمية عند تناول كلمة شباب من الناحية العمرية، فإلي جانب المقاربة العمرية نجد هناك المقاربة البيولوجية النفسية التي تحصر الشباب في الملامح والتطورات الفيزيولوجية التي تبصم لحظة الانتقال من الطفولة إلى الشباب ومنه أيضاً إلى النضج أو الشيخوخة. ونلاحظ أيضاً صعوبة الاتفاق على تعريف واضح للشباب كمفهوم موحد وشامل، باعتبار اختلاف الأهداف المنشودة من وضع التعريف بجانب تباين المفاهيم والأفكار العامة التي يقوم عليها التحليل الذي يخدم تلك الأهداف، لذلك أصبح مفهوم الشباب قائماً على أساس المداخل والاتجاهات المعرفية التي تحدد مستويات معينة لتجاوز هذه الصعوبة المفاهيمية وقد انحصرت في ثلاثة اتجاهات هي:-
1- الاتجاه البيولوجي: وهو يؤكد الحتمية البيويولوجية باعتبار الشباب مرحلة عمرية أو طور من أطوار نمو الإنسان الذي فيه يكتمل نضجه العضوي الفيزيقي، وكذلك نضجه العقلي والنفسي والذي يبدأ من سن 15-25 وهناك من يحددها 13-30.
2- الاتجاه السيكولوجي: يرى هذا الاتجاه أن الشباب حالة عمرية تخضع لنمو بيولوجي "النمو العضوي" من جهة، ولثقافة المجتمع من جهة أخرى، بدءاً من سن البلوغ وانتهاءً بدخول الفرد إلى عالم الراشدين الكبار حيث تكون قد اكتملت عمليات التطبيع الاجتماعي. وهذا التعريف يحاول الدمج بين الاشتراطات العمرية والثقافية المكتسبة من المجتمع.
3- الاتجاه السوسيولوجي "الاجتماعي": ينظر هذا الاتجاه للشباب باعتباره حقيقة اجتماعية وليس ظاهرة بيولوجية فقط. بمعني أن هناك مجموعة من السمات والخصائص إذا توافرت في فئة من السكان كانت هذه الفئة شباباً.
في استجماع خلاصات هذه المقاربات المفاهيمية يمكن القول بأن الشباب يبقي فئة اجتماعية تحتل مكانة بارزة في النسيج المجتمعي، و محددة سلفاً بشروط الإنتاج وإعادة الإنتاج الاجتماعي في مجتمع معين، واعتباراً لكونه معطي اجتماعياً فهو يشير إلى مرحلة عمرية تأتي بعد مرحلة الطفولة، وتلوح خلالها علامات النضج البيولوجي والنفسي والاجتماعي وجدير بالذكر أن كل تعريف اجتماعي للشباب يظل مرتبطاً بشروط إنتاجه الاجتماعية. فكل عقل جمعي ينتج شبابه ويحدد احتمالات الارتقاء الاجتماعي إلى هذه الفئة أو السقوط منها. بحيث تبقي لدرجة التعقيد المجتمعي دور حاسم في تحديد الارتقاء أو السقوط. فعن أي شباب نتحدث؟ طالما كانت الفئات العمرية عبارة عن نتاجات اجتماعية تتطور عبر التاريخ لتتخذ أشكالاً ومفاهيم ترتبط بالأوضاع والحالات الاجتماعية، فكما أن لكل مجتمع قيمه وعقله الجمعي الذي ينضبط ويحتكم إليه فإن له مفهوماً خاصاً للشباب وتحديداً اجتماعياً لخصائصه وتحولاته. بل أننا نجد داخل المجتمع الواحد أكثر من مفهوم للشباب وذلك كله في اتصال وثيق مع ما يعتمل داخل هذا المجتمع ويتفاعل فيه. والنتيجة في النهاية شباب لكل مجتمع مختلف نوعاً ودرجة عن شباب أي مجتمع، ومنه نصل إلى التأكيد على أن لكل شباب قضاياه وأسئلته التي تتنوع بتنوع المجتمعات. مما دفع بعض الباحثين للتخلي عن مفهوم الشباب لصالح مفهوم أكثر إجرائية من الناحية العلمية إلا وهو مفهوم المرور إلى سن الرشد. وهو ما يتيح للدول والمجتمعات أن تحدد المدى العمري الخاص بها لتحديد فئة الشباب بما يلاءم واقعها وظروفها وبخاصة في حالة الدول النامية التي تتفاوت حسب الفئة العمرية. فهناك دول تحدد سن 18-30، لكن الغالبية العظمي منها تتجه لرفع سن الشاب إلى 40 عاماً كما هو الحال عندنا في السودان، وهو تحديد تأخذ به هذه الورقة فى مجرياتها.
ثمة مؤشرات هامة تذهب الى أهمية الاهتمام بفئة الشباب في البلدان النامية إذ أنهم يشكلون الشريحة الأكثر تزايداً من سكان العالم ولهم تأثيرات كبيرة على بلدانهم كما تظهر العديد من الإحصاءات التي تدلل على أن نسبة الأطفال والشباب تكاد أن تبلغ 50% من تعداد السكان في البلدان النامية، أي بمعني أن 85% من الشباب في العالم يعيشون في تلك البلدان، مما يجعلهم يشكلون نسبة 47% من إجمالي العاطلين عن العمل على مستوي العالم بينهم عدد لا يتجاوز الـ 113 مليون شاب أمي، بحيث تقل نسبة الشباب الذين يتمون مرحلة الدراسة الثانوية عن 20% في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، كما يتهدد هذه الشريحة في حدود الدول النامية احتمالات الإصابة بفيروز الإيدز إذا اعتبرنا واقعية تلك التقديرات التي تذهب إلى أن نصف الإصابات الجيدة بالمرض تحدث وسط الشباب تحديداً.

التربية الديمقراطية.. إطار تفسيري
على أساس أشكال التداخل الملحوظ في المجال النظري نكاد نجد على المستوي التطبيقي نمط من الاتفاق بين الدارسين والمهتمين بقضايا التربية الديمقراطية والتربية الوطنية، بالإضافة لمفهوم آخر نسبي هو التربية المدنية، على اساس أن جميع هذه المفاهيم والمسائل قد تم استلافها من الإطار الكلي للعملية المقصودة بالبحث والدراسة والتي هي عملية التنشئة السياسية، كعملية تهدف إلى تلقين القيم والاتجاهات السياسية لأفراد مجتمع معين بشكل مستمر، وأحياناً تكون العملية معنية بنقل قيم واهتمامات اجتماعية ذات اتجاهات سياسية لنقل الثقافة السياسية عبر الأجيال، او تكوين الثقافة السياسية وتفسيرها، في حدود أنساق ومؤسسات اجتماعية مختلفة تقوم بهذه الادوار.
تهتم التربية الديمقراطية بتشكيل ذات الفرد وهويته باعتباره عضو في مجتمعه، إذ يتوقف نجاح التربية الديمقراطية على قدراته وإسهاماته الحية على صعيد المجتمع، لذا نجد ضرورية تنمية القدرات الخاصة لكل فرد، بتكوين التصور الإيجابي الذي يؤهله لتحمل الأعباء والمسؤوليات الملقاة على عاتقه والتمتع بالحقوق المتوفرة بعد الوعي بها مثل حرية التعبير، حق الحصول على العمل، حق الحياة الحرة الكريمة. وتشجع التربية الديمقراطية على تنمية الفروق الفردية الفطرية والمكتسبة القائمة بين أعضاء المجتمع لتنوع الكفايات وحاجة المجتمع نفسه لتلك القدرات والاستعدادات. ومن هنا جاءت اهتمامات التربية الديمقراطية بالتنشئة السياسية عن طريق صياغة الفرد الديمقراطي المؤهل للعيش في المجتمع الديمقراطي كتربية سلوكية تهدف إلى النظام ومن هنا جاءت فكرة الاهتمام بالتنشئة السياسية الديمقراطية.
وتنشأ العلاقة بين الديمقراطية والتربية بالنظر إلى المفهوم والمدلول الواسع للديمقراطية كطريقة حياة أو مجموعة من العلاقات الإنسانية والمحكومة بالقانون الاجتماعي الأخلاقي، وهنا يتحدد معني للديمقراطية يتناولها بمعيار احترام ذات الفرد والثقة في ذكائه وقدراته، والأساس الفلسفي لهذا المعيار يكمن في أن الفرد يكون فكرته عن نفسه في محيط تداخل نمط علاقاته في المجتمع بوسائل تساعده على تنمية الاتجاهات الضرورية للتكيف مع شروط بيئته المحيطة، حتى يكون قادراً على المشاركة والتعاون في إعادة بناء واقع الحياة في ثقافته وعلى ضوء المقومات العامة للديمقراطية مثل:-
- احترام شخصية الفرد والإيمان بأهميته.
- تكافؤ الفرص والمساواة.
- حرية التعبير عن النفس.
- حق الأقلية في المشاركة في مجالات الحياة.
- القيادة.
- حرية اختيار نوع العمل ومتابعته.
- الحرية في أحداث التعبير.
- التخطيط المشترك.
- ترجمة القيم الديمقراطية إلى سلوك حركي.
تعود أهمية التركيز على الفرد وأدواره في التربية الديمقراطية كنوع من ترشيح هذه القيم في نفوس الأفراد ومن ثم توجيههم نحو العمل العام الجماعي الذي يعني الإيمان بأهمية العمل التعاوني المشترك في المجالين الاجتماعي والسياسي، كشعور بواجب المسؤولية تجاه المجتمع وقضاياه مما يدفع المواطن إلى الايجابية في التعامل مع القضايا والموضوعات في ظل ثقافة متشابهة مؤداها الإحساس بالولاء الجماعة، والي تتعايش على مرجعية وهوية تتكامل فيها القيم والأهداف والقدرات، ذلك لتحاشي الصراع بين القيم والدوافع في إنتاج صورة مقبولة اجتماعياً، وهنا تبرز مشكلة الهوية لدى الشباب كجماعة اجتماعية متميزة، لها ثقافتها الفرعية الخاصة، فهناك عوالم عدة قادت إلى ظهور هذه المشكلة لدى الشباب منها:-
- سرعة التغير في المجتمع.
- التشتت النفسي.
- التحديث.

أدوات التربية الديمقراطية
تتنوع وتتعدد الأدوات التي تلعب أدواراً رئيسياً في علمية التربية الديمقراطية، لكن هناك تأثير واضح للمؤسسات المناط بها تشكيل وعي الفرد بنقل الاتجاهات والقيم والمبادئ واختزانها للإفادة في تحديد المواقف السلوكية. وهذه المؤسسات تتمثل في:-
أ‌. الأسـرة
وتعتبر من أهم أدوات التربية الديمقراطية، إذ تعتبر مؤسسة أساسية يكتسب عن طريقها الفرد قيمه الاجتماعية ومعاييره السلوكية التي تساير أنماط الثقافة السائدة في المجتمع وهنا تأتي أهمية وعي أفراد الأسرة أو إلمامها بالقيمة الديمقراطية للتنشئة والتعامل معها.
ب. دور مؤسسات العمل:
وتؤثر مؤسسات العمل في التنشئة من خلال ما يدور داخلها من علاقات واتصالات ومعاملات بين الرؤساء والمرؤوسين وبين العاملين في تلك المؤسسات بعضهم البعض، بحيث أنه كلما اتسمت هذه العلاقة بالود والتعاون والمشاركة في اتخاذ القرارات. وفي تسيير أمور المؤسسة، كلما كان الفرد أكثر ميلاً للمشاركة خارج نطاق العمل.
ج. دور الأحزاب السياسية:
تقوم الأحزاب السياسية – الديمقراطية – بدور كبير في عملية التربية الديمقراطية ومن خلال تأكيد القيم الديمقراطية، وتوجيه منتسبيها في إطار ما تقدمه من معلومات وما تمارسه من تأثيرات على الآراء والقيم والاتجاهات السلوكية السياسية للجماهير، مستخدمة في ذلك ما تملك من وسائل اتصال بالجماهير، وبالأخص الشباب الذي يمثل القطاع الأكبر من تلك الجماهير، وذلك بدعم الأحزاب للثقافة السياسية السائدة أو خلق ثقافة جديدة.


د. دور وسائل الإعلام
تؤدي هذه الوسائل من صحف، ومجلات وإذاعة، وتلفزيون دوراً هاماً في عملية التنشئة السياسية، إذ تزود الفرد – الشاب – بالمعلومات السياسية، وتساعد في تكوين وترشيح قيمه الديمقراطية، ففي المجتمعات المتقدمة تنتشر الوسائل الإعلامية على نطاق واسع وتقوم هذه الوسائل بنقل المعلومات عن المطالب وردود الأفعال بالنسبة للجماهير، وهذا التدفق الحر للمعلومات من أعلى إلى أسفل وبالعكس من شأنه العمل على تأكيد قيم الثقافة الديمقراطية وأنموذج قيمها السائد، ويقتضي تعظيم الاستفادة من الوسائل الجماهيرية حدوث نوع من التعاون والتضافر لجهود أخرى تبذلها مؤسسات ترى في دعم التربية الديمقراطية هدفاً كلياً لها.

الشباب السوداني... أسئلة الواقع والقضايا
في خصوص أي محاولة لمعرفة أو تقصي أوضاع وواقع شريحة الشباب في السودان، تقف مجموعة كبيرة من الصعاب والعقبات التي تدلل بمعني أو آخر على طبيعة الأزمة الحقيقية التي تواجه فئة تشكل القوة الديمغرافية الرئيسية في موازين العلاقات الاجتماعية، باعتبار أن هذا الوزن الذي يمثله الشباب يبرز بطبيعة الحال جانباً من تلك ألأهمية التي يحوزها كجيل نشأ في سياقات شديدة الاختلاف عما كان عليه الحال في الماضي، لكن للوقوف على طبيعة حالته تضعف الحقائق والأرقام وتندر الدراسات أو حتى المسوحات التي تساعد صانعي القرار والمهتمين بقضايا ومشكلات الشباب في الاستعانة بها لبناء قاعدة بيانات تنطلق منها كافة الجهود الموجهة للتعامل مع الشباب، باعتبارها مؤشرات حقيقية للظروف التي أنتجت جيل الشباب السوداني في الوقت الحاضر بما له من سمات واتجاهات وقيم تمثل حجر زاوية للبنية التي يكون عليها الشاب مستقبلاً، إلا أن غياب تلك التدابير تؤكد مدى الإهمال وعدم التقدير الذي تواجهه فئة الشباب السوداني من قبل الجهات الرسمية والأهلية أو المدنية المعنية تحديداً بقضايا الشباب في كافة أشكالها وأبعادها المتداخلة. فالشباب في أي مجتمع هم الأمل ومصدر الخطر في آن واحد سواء في الحاضر أو المستقبل، استناداً إلى ما يمثله الشباب – دائماً – من قوة مستمدة من مكانتهم المتميزة، وكمصدر للتجديد والتغيير، وكذا الحال عندنا في الذهنية السودانية التي ظلت داخل وخارج مؤسساتها تسعي لفصل الشباب عن السياق المجتمعي الكلي، مما أفضي لحالة التمايز الراهنة.
يمثل الشباب السوداني أكثر من نصف عدد السكان، كما يعتبر السودان في التوصيف الديمغرافي قطراً شاباً لاتساع قاعدة الشباب فيه. لذا يبدو اعتبارهم نصف الحاضر وكل المستقبل من قبيل الحقائق والمسلمات التي يمكن أن نلمسها في حياتنا اليومية بصورة لا يمكن تجاهلها أو إغفالها، وقد ترتبت على هذه المكانة التي يمثلها الشباب من حيث تقديرهم الكمي نتائج متعددة الأثر بالغة العمق جراء تجاهل قضاياه وأسئلته المفتوحة حول ظهور عوائق الإدماج المفترضة مع باقي مؤسسات وفئات المجتمع مما جعل منها ظاهرة وأزمة تحتاج للتشخيص الموضوعي الأمثل والتدخلات القصدية لإنهاء حالة الإقصاء والإهدار الواعي لطاقات الشباب عن طريق تهميش قضاياهم وأبعادهم عن دوائر صنع القرار والتأثير من قبل المجتمع الأكبر الذي تسوده عقلية الطاعة على حساب عقلية التعاطي والحوار وهي عقلية بيروقراطية تعتقد بالبناء الهرمي للتفكير العقلاني الذي يقوم على الارتكان إلى خبرة السن والفوارق الجيلية والوطنية.
هناك مستويات ظلت معروفة في تناول قضية الشباب في السودان كمعطي معزول يحتاج لنوع من الحلول الآنية والمباشرة تركزت مثلاً في تحديد الوضع الاقتصادي للشباب وما يعانيه من ظروف الفقر والبطالة كتصور أخير في شأن القضية، على الرغم من تسليمنا بأهمية مدخل الفقر والبطالة إلا أن السياق والبيئة الكلية بالتوقيت الزماني والاجتماعي التي تشكل في سياقها واقع الشباب مردود لطبيعة السياسات الاقتصادية الكلية وما أنتجته من أزمة ظاهرة كان الشباب أول المتأثرين بها. كرأس مال بشري مغيب في السياسات والاستراتيجيات التنموية للدولة. إذ أن قضية الشباب السوداني تكاد لا تنفصم في مجملها عن طبيعة القضايا الماثلة التي يواجهها الشباب على مستوي العالم وبخاصة البلدان المستقرة نسبياً لتظل خيارات ومحددات البنك الدولي الواردة في تقرير التنمية والجيل القادم لعام 2007م، متضمنة للشواغل والحاجات المشتركة بالنسبة لمختلف قطاعات الشباب لهدف الوصول لمشاركة الشباب وإدماج قضاياهم في السياسات العامة لجهاز الدولة من خلال :-
- مواصلة التعليم.
- البدء في العمل.
- اعتماد أسلوب حياة يتيح الصحة العافية.
- إنشاء أسرة "الزواج".
- ممارسة المواطنة.
على الرغم من أوجه التشابه و التلاقي إلا أن مشكلات وقضايا الشاب السودانى تتفاوت بدرجة أو بأخرى، لكن تظل قضايا الوضع التعليمي والأمية وسط الشباب هي القضية الأكثر إلحاحاً، نسبة لارتباطها الطبيعي بالقضية مسار النقاش والطرح بالنسبة للورقة، إذ تشير معظم الإحصاءات الرسمية إلى تدني نسبة الانتظام الدراسي في أوساط الشباب عبر مراحل التعليم المختلفة، كانعكاس لمشكلات أخرى تتعلق بالأوضاع المادية وصعوبتها، أو لعدم الرغبة في متابعة الدراسة والرغبة في مساعدة الأسرة، عدم رغبة الزوج، عائق الخدمة الإلزامية.
هذا وتشير التقديرات المتعلقة بقضايا العمل عند الشباب السوداني في المراكز الحضرية خاصة الذين تحصلوا على مؤهلات تعليمية تساعدهم على مزاولة العمل في القطاعات المنظمة، تشير إلى صعوبات حقيقية تواجه هؤلاء الشباب مما يضيفهم لمدى أطول الى جيوش العطالة، اذ تبلغ نسبة الذين يبحثون عن العمل لمدة خمس سنوات فأكثر إلى ما يفوق نسبة ال 50%، تجدهم منحصرين في الوظيفة الحكومية والقطاع الخاص، هذا بجانب الفاقد التربوي من الشباب والأميين فهؤلاء لا يمتلكون أين نوع من الخبرة التي تؤهلهم للمنافسة في سوق العمل. ويعظم من هذه القضية وفرص معالجتها غياب الدراسات والإحصاءات، عدا بعض جهود وزارة العمل سنة 1990م حول بطالة الخريجين، وسجلات لجنة الاختيار التي تعوزها الطرق المنهجية لتشغيل الخريجين.
ففي ظل تردي الأوضاع التعليمية والاقتصادية بالنسبة للشباب السوداني فإنه من الطبيعي والمتوقع أن تنتابه أحياناً بعض مشاعر القلق والخوف على المستقبل، لكن سرعان ما يتحول هذا الشعور في حالات كثيرة إلى تدهور في الأوضاع الصحية عند الشباب في النواحي العضوية والنفسية، و تسود فى العموم حالات مثل صعوبة التكيف مع الآخرين، وصعوبة اتخاذ القرار الحازم، والشعور بالفشل، وما ظواهر إدمان المخدرات والمشروبات الكحولية، تناول المهدئات أو المنشطات، إلا نتاج سالب لحقيقة الأزمات التي يمر بها الشباب السوداني، الذي يجهل الجزء الكبير منه الطرق التي ينتقل بها مرض الإيدز. وهى تحديات تعوق الشباب من تحقيق أحلام أخرى كالزواج والحياة الأسرية.
عليه فقد اتجهت معظم الآراء إلى تصنيف مشكلات الشباب السوداني كهموم وقضايا على النحو التالي:-
- قضايا العمل أو العطالة وتشغيل الشباب.
- الوضع الصحي.
- الوضع التعليمي "مشكلة الأمية وسط الشباب".
- قضايا الهجرة.
- مشاركة الشباب في صنع القرار على المستوي السياسي.
- تأثيرات الحرب على جيل الشباب.
تمثل المعطيات الحالية لوضع الشباب ناقوس خطر يحذر من تبعات إقصاء وأبعاد الشباب كرأس مال اجتماعي واستثمار في المستقبل لصالح أساليب الوصاية والحجر التي يواجه بها المجتمع الشباب وطموحاتهم، التى تشكل طابع القضايا الحيوية لمطالب الشباب المتمثلة في التحرر والمشاركة والتعبير، كشروط مرحلية تؤسس لظاهرة الرفض وسط الشباب أن لم يكن الشعور بالاغتراب وهي استجابات تنشأ وتسود بين الشباب في مقابل المعايير والقيم وبناء القوة وطبيعة السلطة الموجهة للحياة، بجانب شكل القيادة والتوجيه الذي يمارسه الكبار ويشعر فيه الشباب بالتغييب، إذ أن هذا الرفض والشعور بالاغتراب وسط الشباب السوداني بات يمثل موقفاً موحداً له خصائص وملامح تكاد تكون مشتركة، حيث تولد بين الشباب بشكل ملحوظ شعور بعدم الانتماء للمجتمع ككل، وهذا ما يدلل على مظاهر رفض الواقع المعاش بالنسبة للشباب على أساس أنه لم يعد يمثل طلعاتهم الطموحة، فهو واقع متخلف من حيث الطبيعة الشمولية الكلية التي لا تقبل التجزئة وإنصاف الحلول، والشباب يرى اليوم بصورة موضوعية أن اختلاف أولويات النسق القيمي هى السبب الذي يجعل المجتمع غير قادر على تفهم حاجاته وقضاياه ومشكلاته، بما فيه شعورهم بأن أسرهم لم تعد تهتم بهم، وأنها - أي الأسرة – لم تعد تمثل المحيط المناسب الذي يستطيعون فيه إشباع حاجاتهم، على صعيد تنشئتهم وتنميتهم اجتماعياً وسياسياً، الشيئ الذي انسحب على مسألة التعليم وما يقدمه للشباب السوداني، حيث بدأ الكثير من الشباب في رفض نوعية التعليم الذي حصلوا عليه وما يتلقونه باعتبار انه لا يقدم لهم سوى القدر الضئيل من المعارف المعاصرة والقدر الأقل من المهارات الضرورية لحياتهم المستقبلية، مما أدي بالضرورة إلى تعطيل فرص اكتساب الخبرات العلمية التي تؤهلهم للتأقلم الحقيقي والتكيف الإيجابي مع ظروف الواقع الذي يعيشونه.
أحدثت تلك الإشكالات التي يعيشها جيل الشباب في السودان نوعاً من الشروخ الواضحة والعصية في النسيج المجتمعي ككل، خصوصاً وأن المجتمع السوداني ظل مفتقداً لتلك الشريحة من حيث أدوارها والاستفادة من فاعليتها وحيويتها، وقد أدي ذلك التجاوز والإهمال أو غض الطرف المتعمد إلى ظهور جيل من الشباب المتسم بالعزوف والانطواء على نفسه، مما جعل الجزء الأكبر منه يقع تحت الاستغلال من قبل جماعات المصلحة التي تلتف حولهم لتحقيق أغراض شخصية، هذا أن لم يقع فريسة لبعض الآراء والأفكار المتطرفة وقد تبدو الاستجابة السريعة للشباب في الانضمام للحركات المسلحة كنوع من التعبير وتحقيق الأهداف.
تمثل تلك الظروف التي أفرزت هذا الواقع المأزوم بالنسبة لحالة الشباب السوداني، تمثل أشارات في اتجاه طبيعة تمرحل تشكل بناء المؤسسات الاجتماعية في السودان، وضعف نظم التكامل في الأدوار الذي يظهر في الخطط والتصورات التنموية الحكومية وهي تهمل بشكل مستمر شريحة كالشباب لها ما تستطيع إنجازه في عمليات النهوض والتنمية باعتبارهم جيل الفاعلين الرئيسيين في المستقبل، لكن غياب نمط التفكير والاستعداد للديمقراطية على صعيدها الاجتماعي/التربوي والسياسي الفكري في تاريخ تطور نظم الحكم في السودان، افرز بيئة كبت وحرمان نشأ فيها الجيل الحالي بأكمله من الشباب السوداني وهو ما عزز فيه حالة الاغتراب تلك جراء غياب الوسط الديمقراطي في معناه الاجتماعي كوسط مربي يسعي لتحقيق التغيير الاجتماعي لصالح نمو الفرد والمجتمع في السودان، وبانعدام شروط التفاعل الخلاق والإدماج الإيجابي في مؤسسة المجتمع طرأت تحديات الراهن التي يمكن إجمالها في مفهوم :أزمة جيل الشباب". الذي يحتاج لنوع من سياسات الرعاية التي تؤهله للعب أدواره بفاعلية من خلال إتاحة البدائل الممكنة من خلال :-
1- إتاحة الحقائق للشباب في سبيل الوعي بقضاياه ومشكلاته، وماهية العوائق التي تحول دون إشباعها، وذلك لتحقيق المشاركة العادلة والمنصفة في الحياة الاجتماعية القائمة، وما ينطوي عليه من إمكانية تغيير العلاقات الهرمية القائمة. وهنا تحتل مسألة التربية الديمقراطية أهمية قصوى إذ أنها تتيح:-
- دعم الروح الجماعية والتعاون في التفكير.
- توفير المناخ الملائم أمام الشباب لوضع النظام الاجتماعي والسياسي موضع تساؤل.
- تصميم إستراتيجيات لدمج الشباب في الحياة العامة.
- وضع تصورات لمواجهة البيروقراطية المستترة والمعلنة للسياسات الموجهة نحو الشباب، لمقاومة ثقافة الطاعة والخضوع والسلبية، والممارسات المرتبطة بها.
مقترحات وتوصيات
لاشك في أن إتاحة الفرصة أمام الشباب لكي يتحمل مسئوليات القيام بواجباته تجاه مجتمعه الكلي تحتاج قدراً من الوعي الديمقراطي الذي تعزز فاعلية أدواره، داخل نطاق بيئة المجتمع المتعدد والمتنوع، عن طريق الوعي والحوار المدرك لحاجات الشباب والمجتمع، وبغرض تحسين أوضاع المستقبل من خلال:
- إعداد قاعدة بيانات حديثة ومتكاملة حول أوضاع الشباب في السودان لرصد واقعهم ومعرفة مشكلاتهم وحاجاتهم الأساسية في مختلف المجالات بغية تشخيصها وتحليلها ووضع الخطط والبرامج المناسبة لمعالجتها بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات الرسمية والشعبية والأهلية المعنية بقضايا الشباب.
- رفع أشكال الوصاية على الشباب وإتاحة الفرصة أمامهم لممارسة أدوارهم بحرية وذلك من خلال الضغط لتطوير تشريعات واضحة تتلاءم مع المعايير الواردة في العهود والمواثيق الدولية.
- ضمان حرية تكوين المؤسسات والتنظيمات الشبابية والانضمام إليها ورفع القيود التي تحول دون استقلالها وتحقيق أدوراها في التنمية الشاملة وتعزيز الديمقراطية.
- اعتماد قضايا التربية الديمقراطية والتثقيف المدني في مختلف مؤسسات ومناهج التعليم، بدلاً عن المناهج العسكرية.
- وضع خطة عمل بين المنظمات العاملة في مجالات تنمية ورعاية الشباب لدمج المضامين المتصلة بالتربية الديمقراطية في مفاصل الخطط الفرعية لمختلف المنظمات والهيئات الشبابية.
- تشجيع إنشاء منابر الحوار الشبابي بين المجتمع المدني والقطاع الحكومي، بجانب القطاع الخاص لتطوير برامج تساهم في نشر ثقافة الديمقراطية بين القطاعات الاجتماعية المختلفة.
- أتباع التخطيط العلمي السليم في مجال الإعلام عامة، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة خاصة، بحيث تصبح الرسالة الإعلامية ذات تأثير فعال في مجال التنشئة والتربية الديمقراطية، مع الوضع في الاعتبار الاختلافات بين المستهدفين وذلك لتعميق شعور الشباب بالانتماء للمجتمع. وإصدار نشرات وصحف خاصة بالشباب تعبر عنهم وعن مشاكلهم.
- ضرورة تدريب الشباب الذي فاتته فرص التعليم، تدريباً مهنياً يكسبهم المهارات الفنية والخبرات العملية التي تمكنهم من القيام بأعمال يمكن أن يكون لها عائد اقتصادي مباشر لهم ولأسرهم، وبهذا تتحقق الاستقلالية والاعتماد على النفس عوضاً عن الاتكالية والتبعية مع توفير فرص العمل المجزية للشباب الخريجين.
المراجـع
المنجي الزيدي "مقدمات لسوسيولوجيا الشباب"، مجلة عالم الفكر، يناير 2002م، المجلس الوطني للثقافة الكويت.

أمير النقر "الاستثمار في الشباب بعد اتفاقية السلام"، الجمعية السودانية والمشاركة السياسية، دار الثقافة للنشر، القاهرة، 1984م.

سعد إبراهيم جمعة الشباب والمشاركة السياسية، دار الثقافة للنشر، القاهرة، 1984م.

عبد الرحيم العطري "سوسيولوجيا الشباب"، مجلة العلوم الاجتماعي، د.ت.

ناجي شيخ الدين "حالة الشباب السوداني"، الجمعية السودانية للأمم المتحدة، أغسطس، 2007م.

محمد علي محمد الديمقراطية والتربية في السودان، دار عزة للنشر والتوزيع، 2005م.




الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

ابيي فى متاهة الاحداث و الخارطة


ابيي فى متاهة الاحداث و الخارطة اتيم سايمون
ان تتصاعد وتيرة الاحداث فى منطقة أبيي على هذا النحو وللمرة الثانية خلال العام الجارى ابتداء من احداث مايو الماضى ومرورا عند التوترات الاخيرة يوم الجمعة الماضية 12 ديسمبر، يؤكد للمتابع والمهتم الحصيف ان اتفاق خارطة الطريق الاخير الموقع بين شريكى الحكم فى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية انما اتخذ فى مظهره العام شكلا من اشكال تطييب الخواطر اكثر من كونه وثيقة سياسية ناجعة تضع حدا فاصلا لتعقيدات الصراع حول المنطقة، اذ ان برتوكول حسم نزاع أبيى المضمن فى اتفاقية السلام الشامل قد اوضحت ملامح وابعاد التنازع حول المنطقة بعد ان اختار للخروج من القضية آليات محكمة يتراضى عليها الطرفين، إلا ان التثاقل الظاهر لمؤسسة الرئاسة وبالتحديد فى الجانب المتعلق بالمؤتمر الوطنى ومشايعيه هى التى اودت الى تلك الصورة الكارثية التى عاشتها المنطقة بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل الذى انهى الحرب الطويلة فى كل السودان عدا أبيى وحدها التى استقر فيها شبح الحرب بصورة تكاد تكون مخيبة لآمال مواطنى المنطقة وهم يعدون العدة لمعاودتها بعد عقدين كاملين من النزوح والمعاناة و التشرد، بيد ان تلك الامال ما كان لها إلا ان تتفرق بمجرد ان شهدت أبيى حريقا لا عهد لها به من قبل وتهدر ارواحا عديدة علاوة على ضياع كل ثمار ومكابدات الاغتراب الطويل بفعل انشغال سادة الحكم فى الخرطوم بأولويات اخرى ليس من ضمنها حتما مصلحة المواطنين السودانيين فى منطقة أبيي والتى لطالما تم الاستدلال عليها كنطاق امثل لنماذج التعايش السلمى فى السودان والغريب ان تلك الاشارات الايجابية نفسها لم تتم إلا فى الزمان الذى كانت الحرب هي المعلم الوحيد البارز على جدار العلاقة ما بين الشمال والجنوب.
ان الوقت الذى انقضى منذ التوقيع على اتفاق خارطة أبيى عقب الاحداث الاولى وتشكيل الادارة المؤقتة فى المنطقة وفق الصلاحيات المعبر عنها فى الخارطة نفسها كان كفيلا بفضح النوايا الكامنة وراء تجاهل نداءات حكومة أبيي خاصة فى الجوانب المتعلقة بالميزانية وتجنيب نصيب المنطقة المجمد للاعوام الثلاثة الماضية اضافة الى العقبات الكبيرة المتعلقة بالترتيبات الامنية وسحب الجيشين من عمق المدينة، دعك عن الوعود بالتنمية واعادة الاعمار ومن ثم تحقيق عملية المصالحة والسلام بين مجتمعات الدينكا والمسيرية سيما وان حالة الاحتقان الماثلة فى المنطقة ترتبت على وضعية الاستقطاب السياسي لتلك المجتمعات على مر الحقب الماضية، لتبدو الصورة المنطقية المقبولة لتفسير هذا التجاهل الرسمي من قبل مؤسسة الرئاسة نفسها هو اختلاف وجهات النظر وتباين المواقف المفضية لتجاوز الازمة السياسية الناجمة عن عدم اعتراف المؤتمر الوطنى بنتائج تقرير الخبراء من لحظة اعلان نتائجه.
بناء على كل تلك المعطيات فان الازمة التى ظلت تعيشها منطقة أبيي على الصعيدين السياسى والامنى جعلت العديد من تقارير المنظمات الدولية الصادرة فى خصوص سير تنفيذ اتفاقية السلام الشامل تبدي قدرا كبيرا من الحذر والاستياء من طريقة تعامل حزب المؤتمر الوطنى مع ملف الازمة، مرشحة الاوضاع فى المنطقة الى المزيد من التعقيد اذا ما استمر تعمد التعامي عن احتياجات انسان المنطقة التنموية والتى من شأنها ان تعيد تهدئة النفوس وبناء الثقة فى مؤسسة الدولة، ونحن بدورنا ننظر الى خارطة الطريق وبعد الوقت الذى انقضى منها بنفس معيار النظر الى الاتفاقات المنخفضة التى اعتاد عليها المؤتمر الوطنى كالتراضى الوطنى مشفقين فى نفسه على القدرة العظيمة من اللامبالاة والتهاون بالسلام (المسلح) فى ظل ظروف داخلية وخارجية لا تساعد على المراوغة او حتى الاستهبال واستسهال ارواح المواطنين فى أبيي مقابل المطامع النفطية المبالغ فيها لحزب المؤتمر الوطنى حسب تقديرات تنظر الى نهاية الفترة الانتقالية فى العام 2011م.
لم تتعد المناشدات الاخيرة التى اطلقتها بعثة الامم المتحدة والمنظمات المدنية بأبيي ابان احداث الاسبوع الماضى، لم تتعد النداء المعتاد كل مرة باعطاء الاولوية لتحقيق التعايش والسلام الاجتماعى، لكن ماذهب اليه رئيس لجنة المنسقية العليا لمجتمع أبيى المدنى فى واحدة من التصريحات المهمة من ان تشكيلة القوات المشتركة بالمنطقة انما انبنت على العناصر التى شاركت فى الاحداث الاولى وهى على هذا الاساس معبأة نفسيا للحرب اكثر من امكانية المساهمة فى خلق حالة الاستقرار بالمنطقة، و نضيف انه اذا لم تتوصل الاطراف الرئيسة فى حكومة الوحدة الوطنية والادارة المؤقتة بالمنطقة الى ان فرص تعزيز الامن انما تتطلب احترام سلطة وسيادة القانون وهو الشيء المفقود بالدرجة الاولى كما اسلفنا القول ويحتاج بناؤه لجهد جبار ونوايا حسنة لتنفيذ اتفاقية السلام وانتظار نتائج التحكيم المتوقعة من محكمة لاهاي فى مسألة الحدود الادارية للمنطقة, وتلك الاخيرة تعد واحدة من عوامل تخوف المؤتمر الوطنى الذى رفض نتائج الخبراء (الاجانب) ولا ادرك كيف سيستوعب للمرة القادمة نتائج محكمة لاهاي (الاجانب) ايضا فكل شيء ممكن فى اللعبة السياسية فى السودان إلا المعجزات!!
تظل مسألة ضمانات تنفيذ خارطة طريق أبيي محدودة تماما فى مقامها المتعلق باعادة المدنيين واعمار المنطقة واقامة مؤتمرات موسعة للتعايش بين الدينكا والمسيرية مرتبطة الى الحد البعيد بتوفير الدعم اللازم لادارة أبيي المؤقتة وتسريع نتائج التحكيم الدولي حول الحدود حتى يجد برتوكول أبيى طريقا للخروج من المتاهة التى حشر داخلها عنوة بفعل اعتبارات مثالية تخص الحركة الشعبية وهى تقبل تفاوضا جديدا خارج البرتوكول والاتفاقية افضت فى النهاية الى ادارة معلقة ومواطنين هائمين.. فهل افلحت خارطة الطريق؟

الأحد، 14 ديسمبر 2008

مرحبا بالجميع فى مدونتى التى ارجوا ان تكون محل اهتمامكم
اتيم